ღღ 6 ღღ
صورة حرفية …برلين و النهر و البحر
إن اردت أن تكتشف المتعة الحقيقية فإنها تكمن في الرحلات النهرية , فهي الجولة الأجمل خلال المدن الأوربية , فكل المعالم و القصور و المراكز التجارية تحجز لها مكاناً مطلاً على نهر هناك , و برلين كمثل بعض المدن الأوربية يشقها نهر “شبريه” Spree فنجد أن الطبيعة و سكان الطبيعة في حرب دائمة لمن يستطيع أ يحجز لنفسه مكاناً على الضفة . فإليكم بداية الرحلة فمن خلال مقعد وثير , أو مَطَل من نوافذ السفينة , أو من خلال منظر شاعري في سطحها , فهناك المتعة حاضرة , و الهدوء يناديك لتستمتع بأوقات جميلة مع النسمات العليلة , فتستطيع أن تجوب مناطق عدة , و أماكن متنوعة , و تنعم باجواء خاصة لا يماثلها أي أجواء , و تدعوك الرحلة بمشاهدة أطراف المدينة من خلال سويعات عديدة , الحياة من خلال الرحلات النهرية هي حياة أخرى , مشاهد عمرانية و مناظر طبيعية , أيادي مختلفة تصنع مناضر متعددة , اختلاط الحاضر بالماضي , تعرجات النهر و تقلب المشاهد تكاد تجعل الرحلة و كأن بين يديك كتاب مفتوح فتقلبه كيفما تشاء . الناس من حول النهر بأحوال مختلفة منهم من أطلق لعينيه العنان و سبح في تأمل هذا النهر الجاري و ما يحمل من زوارق و سفن , أو ما يحوم حوله من طيور , أو ما يحويه من بط يتلاعب به النهر , أو ما يحمله من تساقط أوراق الشجر أو الرقيق من الزهر , الناس على ضفاف النهر في شغل دائم و بحركة دءوبة تجعل حركة السفينة بالمقارنة مع حركتهم بطيئة و تجعل الحياة على اليابسة أكثر تسارعاً , من خلال هذه الرحلة اخترت صديقاً أعرفه , و منظره أألفه , و عيناي اعتادت على مرآة , و نفسي تعشق همساته , منظره يسر , و تغريده يسحر , و حركته و خفته تجعل القلب يطرب , هذا الرفيق منظره لنفسي مألوف فهو هنا و هناك لا يتغير رغم أن كل الكون من حولي تبدل , هو زائر و مرافق و صاحب و مؤنس , فهل أجمل من أن ترافق مثل هذا الكائن , فإن أردت أن ترافقنا فهيا معنا و مع صاحبي الصغير ….
ღღ تتبوأ برلين مكان الصدارة بين العواصم الأوروبية ، من حيث المساحات الخضراء في المدينة . وتمتاز بأن ربع مساحتها مغمور بالمياه أو مكسوة بالأشجار ، أو انه حقول وبساتين خضراء.
ღღ إن منطقة برلين ـ برانْدنْبورغ – غنيّة بالبحيرات والجداول والأنهار والقنوات. وهناك موقع جذّاب مميّز في العاصمة الألمانية ، ألا وهي حدائق Tiergarten الواسعة الرحبة ، الواقعة في وسط المدينة .
من على هذا المرفأ بدأت الرحلة و العلم الألماني لابد أن يرفرف في كل مكان فالاعتزاز بالشخصية الألمانية هي سمه مشتركة في كافة المجالات حتى السياحية .
ღღ قبل أن نبدأ فاللعلم إن برلين تحتوي جسوراً أكثر مما هو موجود في البندقية العائمة .
حتى المصانع أخذت لها ركناً بجانب النهر فلعلها يصيبها بعض بردها .
السحب السوداء غطت الفضاء فغدا الكون كقبة متدرجة الألوان و متناغمة الأشكال .
يتنوع مجرى النهر من بحيرة واسعة إلى خندق ضيق , و يبقى سحر المكان لا يتغير , و أشكال المنازل و القصور تضفي عليه أجمل منظر , و أوراق الأشجار من حوله ترفرف , و الزهور بعطرها على الكون تنفث .
العشب يكاد يلامس النهر , و النهر على الأرض كماء منسكب .
ما أكثر الأصدقاء في هذا النهر , و أصوات الصفير و التصفيق و التحايا المتبادلة تجعل كل من يجري عبر قطرات النهر كأنهم أسرة واحدة .
الأشجار مصطفة , و بعضها على النهر منحنية كأنها تريد أن تقبله , أو تتذوق من عذوبته .
طريق عذب من نهر ممتد , و سحب تغطيه و بالقطرات تغذيه , و أشجار على ضفته تحميه
و بعد متسع و عبر ممرات ضيقة ينقسم النهر إلى شقين , و ينفلق الحب بين الضفتين , و أما الجزيرة فهي تنعم بالاثنين
هل هناك أجمل من تلك الشرفات و التي تطل على النهر و تشاهد كيف ينقسم .
شجرة قد اصفرت و أخرى تزينت و أخضرت , و السب يجهل , و لكن كلاهما على النهر يتبختر .
و مباني بالطوب مرصوصة لتدل على أزمان قد تقادم عهدها و انتهى أمدها .
على ساحل النهر اختار هذا المبنى شكل السفينة ليهنأ بالعيشة السعيدة, فرداؤه الفضفاض قد غط في ساحله , و زجاجه الساطع قد انعكست عليه قطراته .
على أيسر النهر ألهم الله البشر أن يعمروا الأرض و أن ينحتوا الصخر , و على أيمن النهر صنع الله يظهر , فإزدان الخلق و على الأرض تفجر و على أطرافها إنتثر , فسبحان من هدى الإنسان للبناء و سبحان من أنبت الأرض من بعد البلا , فتعالى من خلق و صور و بأكمل صورة كون .
هناك بيت في الخلف ينظر إلى النهر بعينه , و يتحسر أكثر من ذلك بقلبه , حتى غدا من شدة الوله أحمر لونه .
هل أنت ممن يحب الزوايا الحادة , أو ممن يحبون أن ينعموا بملامس دائرية ناعمة , فاختر ما شئت فكل الأشكال هناك . و تذكر أن محبي الدوائر أرق قلوباً و أكثر أحساساً و أفضل مع الناس تعاملاً .
أسرة على جانب النهر تستعد لبدأ رحلة , و عينان عربيتان تراقبهما بشدة و في القلب حسرة .
حتى الألوان كان لها على جانب النهر مكان
لا تنظر إلى كل الجسور الممتدة بين الضفتين , لأن ذلك سوف يسبب لك متاعب في الرقبة من كثرتها و تعددها و تنوعها , وسوف يجعل من حولك من سياح العالم ينظرون إليك بشدة , و يقولون بأنفسهم ما الذي جاء بهذا المسكين , ليترك كل الميادين التي تهم السائحين , و انفق الكثير من الجهد و الوقت و المال و خسر , أمن أجل أن ينظر إلى تنوع الجسور الممتدة فوق النهر .
نهر , سفينة , أشجار , مباني مطلة , سلسلة من الجمال متدرجة .
عفواً أيضاً جسر و نهر , تمرن على أن لا ترفع رقبتك كما أسلفنا من قبل .
هل ينتهي النهر عند تلك المنازل الفارهة , أم تحده تلك الأشجار الوارفة , لا تفكر كثيراً , فقط استمتع و تأمل , فالجمال من تلك الأرض ينبع .
من المؤكد أن الكاميرا سوف تميل , حتى هي تريد أن تعانق النهر , أو تصافح تيك الشجر , أو تعانق أعالي السحب .
يتأرج قارب التأمل بين مناظر عدة و لقطات فريدة ممتدة , و يبقى أن أقول لك إلى اللقاء في حلقة جديدة عن النهر و الطبيعة و الخضرة .
نسيم نجد