wicklow الإيرلندية الزمردة الخضراء
في دبلن dublin.. الساعة الآن تشير إلى الثامنة و الخمس و أربعون دقيقة , و نسيم نجد يتمدد على كنب صالة الاستقبال في الفندق و التي تتميز بكل شيء إلا الراحة , حيث أن رأسي هنا , و بقية جسمي هناك , فالركب أراها قد انثنت في موقع بعيد , و لا أعلم لماذا بعض صناع الأثاث يصنعون أدواتهم من أجل أن تخدم المظهر دون أن تفي بالغرض على أكمل وجه [ لا يعتقد أحد أن الكرسي الظاهر في الصورة هو كرسي صالة الاستقبال ] , و لعل الموضوعات تجر بعضها بعضاً , فعلى ذكر الركب فأعتذر عن التأخير الذي حصل بطرح هذا التقرير و لا تعتقدوا أن لبُعد ركبتي دور في هذا التأخير..فأعلم أنكم نلتم ركبة مع مرتبة الشرف الأولى لعدة أيام سابقة.. اليوم أعتذر منكم وبشدة..و أجدد العهد ..و أبدأ معكم و مع موعدنا مع مدينة ويكلو wicklow
في دبلن dublin..الساعة الآن تشير إلى التاسعة , و هذا الموعد هو موعد حضور الحافلة السياحية التي سوف تقلنا في جولة سياحة إلى منطقة ويكلو wicklow . جمع من السياح في صالة الانتظار , و رائحة القهوة تنتشر في الفضاء , و قطرات من المطر ترسم لوحة رائعة على زجاج النوافذ الخارجية للصالة , هناك…و في زاوية بعيدة ..تقف موظفة الاستقبال و ترسم ابتسامة العمل و التي تجاهد عبرها لتسيطر على تثاؤب يحاول أن يتسلل من بين فكيها..[تثاءبي فنحن أهل عزبة واحدة ]
في دبلن dublin..الآن الساعة تشير إلى التاسعة و العشر دقائق..و أصوات كابح الحافلة تلفت انتباه الجميع إلى أن سعادة قائد الحافلة قد حضر متأخراً عن موعده بعشر دقائق . و هذا الأمر في أيرلندا قد يكون شيئاً معتاداً [ من وجهة نظري ] فلديهم شيئاً من التأخير و عدم الالتزام بالمواعيد , أو التقيد بها على وقتها. بنظري الأمر لا يثير الغضب , بل أعتبر أن التأخير لمدة عشر دقائق بالنسبة لحياتي التي اعتدتها دقة عالية الجودة , و لكن يثير التساؤل في نفسي كيف تختلف تلك القطع الأوربية عن بعضها , أو كيف يحكم بعض الناس على أوربا كلها على أنها أمة دقيقة ..عاملة.. منتجة.. أو ملتزمة بكافة جوانب حياتها.اعتقد أن أوربا لديها الكثير مما تعانيه بالضبط كالذي نعانيه , فلصوص ايطاليا , و مدمني هولندا, و شراسة بعض الألمان , و تخلف بعض دول أوربا الشرقية..يجعل الحكم بالعموم أمرٌ غير مقبول..
في دبلن dublin..الساعة الآن تشير إلى التاسعة و العشرون دقيقة , و قائد الحافلة و بصوته الغليظ يحاول أن يبدأ الرحلة ببعض الفكاهات التي تكفر عن تلك العشر من الدقائق التي تأخرها , و الركاب بينهم اللاهي بشأنه , و الساهي يفكر بأمره ,و المنصت و يتأمل ماذا يقول صاحب الحافلة المستخف دمه و بأي أمر هو يتحدث .بعد أن وجد عدم القبول لكثيرٍ من الفكاهات التي أرسلها كعربون إخاء مع أصدقائه الذين سيجبر على صداقتهم لمدة ثمان ساعات هي مدة الرحلة أخذ يشرح خط سير الرحلة .
في دبلن dublin.. اتفقنا مع شركة سياحية عبر استقبال الفندق لنأخذنا بجولة سياحية في منطقة ويكلو wicklow , و ايضاً يمكن التواصل معها عبر موقعها الإلكتروني : www.coachtoursofireland.com , و أسعار الرحلة إما 24 يورو للطلاب أو 22 يورو لغيرهم [ أنا من غيرهم ] , و أعتقد أنها هذه هي المرة الأولى التي أستطيع أن أخدم المسافر العربي في تقاريري بذكر بعض الأسعار التي أستخدمتها, و هذا ليس من فضل مني ..بل لأنني وجدت أنني قد احتفظت بالمطوية التي تحتوي على بعض المعلومات عنهم .
في ويكلو wicklow..و غيرها من المدن الأيرلندية لا تستغرب أن تقابل في أحد الشوارع علبة ألوان من الأبواب المختلفة , فلديهم حب غريب لأن يضعوا كل باب بلون معين , ففي الشارع الواحد من الممكن أن تجد كل الألوان متناسقة و متجاورة . هناك الأبواب تظهر بشكل رائع فكأن الشارع رسم بيد رسام بارع , و إن كان الناس قد اختاروا الألوان بهذا الطريقة فإن قطرات المطر قد اختارت أن تساعدهم و أن تهتم بها فتغسلها لهم كل دقيقة , لذا فمن يراها يخشى أن يلمسها بيده اعتقادا منه أنها صبغت للتو و لم تجف صبغتها بعد…تخيلوا أن شارعاً يوجد فيه بابٌ.. أزرق.. و آخر أخضر.. وهناك ابيض.. و بجانبه اصفر.. و في نهاية الشارع أحمر …و على كل باب إما طفل أشقر , أو فتاة تنظر , أو شيخ مسن يتأمل , أو زهور قد زين بها المدخل..هل هناك شيء أجمل؟!..نعم ..أنتم بحضوركم إلى حرفي الذي لا يذكر.
في رحلة ويكلو wicklow …توقفنا في glencree ..حيث كانت البداية عبر مقهى يسكن في بيت تاريخي مميز , فتناولنا قدحاً من الكبات الحارة [ ليست نوع جديد من القهوة و لكن تدليعاً للكباتشينو المعروفة ] , و بعضاً من قطع الحلوى المميزة , الكباتشينو برائحته النفاثة أنعش جميع الخلايا , و قطعة الحلوى بحلاوتها زادت الأجساد طاقة و حيوية . فأمامنا اليوم رحلة في ضني أنها سوف تكون مميزة..
في رحلتنا إلى ويكلو wicklow…توقفنا في منطقة Sally gap و lough tay من أجل التقاط بعض الصور للأنهار التي تجري و بقوة من أعالي تلك القمم , و لقد شدني لونها الطيني فكانها تجمعت من مكان قريب , و هي تنحدر ثم تتفرع بين الصخور الجبلية حتى تصل في نهاية المقام إلى بحيرة بين قيعان الجبال . أنظر إلى البحيرة البعيدة فاراها و كأنها قطرة ماء من بعدها , و أنظر إلى الأنهار التي تصب فيها فكأنه شرايين تغذيها..فسبحان الخالق .
في رحلتنا إلى ويكلو wicklow…و بعد أن توقفنا في منطقة Sally gap و lough tay..الأرض هناك لها لون مميز , فهي ليست ذات خضرة ناقعة , بل لها ألوان أخرى فاخرة ..فتجد مساحات كبيرة تحتوي على أشجار ذات لون قريب من اللون الطحلبي الأحمر [هل سمعتم بهذا اللون… أعلم أنه لم يمر عليكم مثل هذا اللون ولكن ضعوه في قاموسكم عندما تذهبون إلى إيرلندا ] , و ليس ذلك فحسب بل إن قائد الحافلة أخذ يسرد الكثير من المعلومات عما تحتويه تلك الأرض من الفحم الحجري [ أو فهمت منه أنه فحم حجري ] و الذي يستخدم بكثرة في أيرلندا , و كان يشير إليه في مناطق عدة من تلك الجبال الممتدة.
في رحلتنا إلى ويكلو wicklow…كان المكان المقرر للمرحلة التالية هي glendalough حيث تصب كل الأنهار المجاورة للقمم السابقة في تلك الأرض , و ليس ذلك فحسب بل يوجد المطاعم و التي تعطر المكان برائحة الشواء الرائعة , فتجد الأماكن المعدة للزوار تطل إما على بحيرة ,أو على نهر جاري , و للزائر أن يختار المناسب منها , إما أن يكون في الشرفة المظللة فيستمتع بخرير المياء , و يرى قطرات المطر و هي تنزل بجانبه , و الأشجار تتمايل بطرب . أو أن يكون في داخل المطعم و بينه و بين تلك الجنة زجاج حاجز يجعل الحياة في الخارج و كأنها صورة تلفزيونية عن جمال الطبيعة الرائعة .
في glendalough …لك أن تستمتع بأنهار صغيرة فتخوض غمارها بأقدامك حتى تحس ببرودتها الشديدة , أو تنطلق في أفياء جميلة حتى تحس أنك في جنتك الفريدة , او تسترخي في أماكن للجلوس معدة حتى تسمع تغاريد الطيور من حولك و تطرب لزقزقتها , كل ذلك لك , و كل الذي عليك أن تختار مما كتبها الله على تلك الأرض من الجنان و الأفنان …
في glendalough..و عندما تخرج من بين الأشجار و الغابات , سوف تجد بعض المعالم المهمة بالنسبة لتلك الأرض , فإما أنها بيوت تاريخية , أو عمارة قديمة تقليدية , نفذت و بنيت بدقة عالية و بحجارة ذلك الجبل فغدت بأجمل حلة ..
في ..glendalough..و عند تلك المعالم يتجمع أفراد الحافلة السياحية و الكثير من المارين على تلك المنطقة ليشاهدوا تلك الآثار ,و ويشبعوها ضرباً من الصور , و يجلدونها بالنقاش و التحليل , حتى تستسلم لهم ,و تعترف أنها قديمة منذ الأزل , و أن أهل تلك الأرض هم أقدم من سكن ,و أن ذلك الوادي يحمل قصة وطن , و أن ذلك الجبل كان يعيش فيه الكثير من البشر , و أن تلك الحجارة التي كونت تلك المنارة حي بناء قديم واجه الصعاب و لم يزل ..
في ..glendalough ..و إذ لم تكن من هواة تسلق الجبال ,و كانت الركب ” بالكاد أنها تمشي الحال ” , و لم يكن لك خاطر بتتبع الآثار و معرفة كل حصاة كيف بنيت فيها تلك الديار ,و إذ لم تكن من محبي الأكل الحار في شرفة أحد المطاعم المنتشرة بين الأشجار , فلك أن تسترخي تحت ظل تلك الشجرة …
في ..glendalough..رسمت للطبيعة صورة نقية , و مشاهد مختلفة , و مناظر رائعة جميلة , و لكن هل انتهت الصورة , و هل اكتملت اللوحة , و هل كتب الشاعر آخر بيت من قصيدته , و هل توقف الروائي عند نهاية روايته ,أم هل صمت حرف الكاتب.. و قال أن الحرف انتهى ..لا… بل أقول : تبقى من الجمال كؤوس..و بإذن الله يتبع …فالآن أضع ..نقطة في آخر السطر..و اقول تبقى بقية بإذن الله في صفحة جديدة عن تلك المنطقة البديعة..حفظكم الله و رعاكم…نسيم نجد
اللوحة اكتملت بعد أن صبغتها فرشاة نسيم نجد وطعمتها بأسلوبه الأدبيع الرفيع ووصفه الذي اشعرني باني كنت أحد افراد هذه الرحلة الى أن استقريت بجوار هذه الشجرةمنتظراً أن تواصل بنا المشوار ياقائدنا الهمام!
كل الود
أخي الحبيب…أبا مشاري
وجودك في أركان هذه الرحلة شرف نلته..
و فخر لي قدمته..
فحياك الله أخي الغالي..