بسم الله الرحمن الرحيم
مطار فرانكفورت يعتبر من اكبر المطارات في أوربا بعدد الرحلات . في المدرج تنتظر الطائرات دورها لتودع تلك البقاع , ثوان معدودة فإذا هي تأخذ الأذن بالانطلاق فتشتد سرعتها حتى ترتفع في السماء فتبتلعها السحب السوداء . و في المقابل هناك طائرات تحوم في الجو , و تنتظر أيضاً من برج المراقبة أن يأذن لها بالهبوط , فعند الإذن تحدد المدرج المقصود فترمي نفسها بين فوانيس تضيء أطراف ذلك المهبط المحدد كعروس في ليلة زفافها . في صالات المطار المتعددة أعداد هائلة من المسافرين , بعضهم يترقب رحلته , و البعض الآخر قد أعياه التعب من رحلات المواصلة , و مجموعة أخرى تظهر على وجوههم البشاشة بعد أن وصلوا من رحلتهم الشاقة . المطار بصالاته الواسعة, و بأدواره المتعددة يضج بالحركة الدؤوب . و من بين تلك الجموع الكثيرة تظهر ثلاث فتيات , اعتقد أنهن في العشرينيات من أعمارهن , قد تزين بأجمل زينة , فهن بكامل حجابهن الذي غطى الوجه و الأطراف , بل كن متلفعات بعباءات سوداء قد وضعت على الرأس كتاج للكريمات من بنيات هذا الدين . لقد توقف بصري بالقرب منهن إعجاباً بحرصهن على الحجاب برغم أن المطار يعج بالناس من كل فج عميق , و زادت نبضات قلبي فخراً ببرهن عندما رأيتهن يدفعن عربة الأب المقعد . شققن الطريق من بين المسافرين و قد قسمن بينهن العمل فواحدة تدفع أبيها , و الأخرى تجر الحقائب , و ثالثة تتبادل الدوار معهن في حال التعب . بدأت صورتهن تختفي شيئاً فشيء , حتى اختفى سواد جلابيبهن بين الجموع و بقي نور الهدى ينير جنبات تلك الصالات . إنها قصة حب بين العفيفات و لباس الطهر , إنها قصة عشق بين قلب حي و أمة تنظُر للقيوم الحي . إنها حياة فخر في نفوسنا لفتيات ثبتن في زمن الفتن , إنها حكاية إيمان عظيم أصله ثابت و فرعه في السماء … فلله درهن من فتيات…و أسأل الله أن يثبتهن بالدنيا و الآخرة …و إلى الملتقى بإذن الله تعالى .