هي الطائف جنة المصائف
مقدمة خاصة بالرجال فقط :
قد تكون الطريقة الديمقراطية التي اتبعها مع عائلتي مناسبة للبعض . و قد تناسب الكثيرين , بل أعتقد أنها رائعة للكل .
وهي بشكل مختصر تعتمد على اجتماع مصغر أعقده للعائلة . يتم فيه عرض الوجهات السياحية المقترحة و من ثم يتم التصويت عليها بطريقة ديمقراطية عصرية حديثة .
تكسب الأطفال و الزوجة حقهم المشروع في اختيار الوجهة السياحية ,و تزيد من الألفة , و تثري النقاش و تحسن آدابه .و تجعل الكل يذهب في رحله وفق اختياره .
فهذه السنة كانت كسابقاتها من الإجازات من تطبيق الديمقراطية على الطريقة العربية .
جمعت الأسرة باجتماع عاجل من أجل البت بالوجهة السياحية المقترحة .
وبحكم أنني أكبرهم سناً ,و أكثرهم خبره , و أعلاهم بشؤون السفر دراية فقد رأست الاجتماع , وجلست في رأس الطاولة . وكنت مبتسماً عند كل قول معارض إلاّ ماقل .
و افتتحت الجلسة بالتعوذ من الشيطان الرجيم , و بالبعد عن التبذير , و بموجز لأخبار العالم في تلك الظهيرة , و عن آلام العالم وانتكاسات الحديثة في عالم المال و الدرهم و الدينار ,و كيف أن مدها تجاوز الحدود و أنها للجميع ليس ببعيد إلا من حفظه الله و من ذلك الكرب أنجاه .
بعد المقدمة و التي أسالت العيون , و وجلت منها القلوب , كان عرض الوجهات المقترحة ,والتي جمعتها بنفسي و عرضتها على أسرتي الصغيرة بشكل رائع – و الشهادة مني إلي – . فكان العرض التالي :
الخيار الأول :
تركيا …و هي المعروفة بحضارتها , و متاحفها , و فوق ذلك بجمال طبيعتها وحسن جوها , بل وكثرة خياراتها السياحية..فهي أرض الأنهار و الرمال الذهبية من البحار , و أرض الجليد و عشق القريب و البعيد من أهل السياحة و الدراية .
ثم أكملت الحديث وقلت : و لكن هل تخلو أرض إلا من عيب , فهذه السنة عيبها بسيط و لكن بالوقت نفسه مزعج ومريب .
فتح الجميع أفواههم ينتظرون الخبر , و هذا الأمر الذي لا يبشر بخير , و لا يسر .
فقلت لهم : وببساطة أن الدولة المجاورة لتركيا هي دولة جورجيا , و جورجيا كما تعلمون قد وطئتها الحرب في هذا الصيف , فهي على خطرو يتقاذفها الشرر . فروسيا تتوعد و تنذر بأنها لن تبقي على من يقف في وجهها و لن تذر . و أميركا بالجانب الآخر بأساطيلها و قواعدها و تجمعاتها تتوعد وتحذر .
فما رأيكم بهذه الوجهة …أرى وبدون أن تنطقون أن على وجوهكم الوجل و الخوف و الفزع .
إذاً نعرض الخيار الثاني و بدون أي تواني . و اسمحوا لي بعرضه وبثواني .
الخيار الثاني :
لبنان …ارض الجمال و الكمال …لبنان مشتى ومصيف العرب ..لبنان قطعة من باريس , و أرض ليس لها مثيل . لبنان أرض الأرز و الثلج و الجبل . لبنان هي الجمال و الجمال هو لبنان .
فرأيت السرور في أعينهم , فتداركت الأمر من قبل أن يستفحل .
و قلت لكن …
قالوا و مالخبر ..
هناك عيب بسيط …في لبنان..
فأكملت الحديث فقلت : الأعوام الماضية لم تهدأ لبنان من القلاقل و الفتن , و كل يوم هي في شأن , فإسرائيل تتواعد , والأحزاب تتناحر و تتقاتل ,وتفجيرات هنا و تفجيرات هناك …
أعتقد أن من الغامرة و المغامر الغير مأمونة الجوانب أن نذهب هناك .
صمتكم يخبرني أنكم لا تريدون هذه الوجهة…حسناً لدي خيار آخر …
الخيار الثالث :
ما رأيكم بالكويت …الكويت أمرها هين و أهلها في وجوههم بشاشة و قلب طيب لين , هي جارتنا و هم أهلنا , فلن نتكلف المسير أو ننتظر لدى خطوط الطيران طوابير . فالأمر ميسر بسهولة يسير .
فرأيت أن البعض أرتاح لهذا المقترح المريح والقريب .
فكان الحسم مني ليس ببعيد ..
فقلت ولكن…
أن صديقي دهميد…
قالوا مهلاً …قبل أن تكمل من هو دهميد
صدقتم حسناً …سوف أخبركم عن الرحال و الخبير العربي دهميد , هو أخ و صديق أخذ من برج الكويت علو هامته , و أخذ من باطن أرضها كرمه و شهامته , و أخذ من تاريخها سبقه و مجده . هو رجل بألف رجل ..بل أكثر و يزيد…و لن أزيد عنه العبارة فهو أعلى من كل عبارة .
قالوا حسناً أكمل عن المشكلة في الذهاب للكويت .
قلت أن دهميد يقول : أن أرضنا في الصيف نار ملتهبة , تشوي الورق على طبلون السيارة , و أن أهل الكويت يسافرون في الصيف فلا ترى أي راجل أو راكب يسير, و أننا لا نخرج إلا من بعد أن تختبئ الشمس خلف خط المغيب . فعندها يكون في الأمر نظر لمن أراد أن يخرج لتمشية أو السمر .
فما رأيكم هل تريدون أن يأكلكم حر الصيف , و أن تدخلوا تجربة الفرن الصيفي , و أن نقضي زيارتنا للكويت بالجلوس في الفندق فلا نخرج إلى بعد منتصف الليل ثم نعود .
مع هذه المرغبات رأيت الحر يقطر من وجوههم من هول ما وصفت لهم .
فكان الجواب الجماعي لأ …لأ…كفانا حراً بأرضنا .
الخيار الرابع :
ما رأيكم بأرض الإمارات …أرض الحضارة البنايات الشاهقة , ما رأيكم بالإمارات أرض الطيبة و العز والكرم . ما رأيكم بالإمارات أرض علينا جديدة و تجربة سوف تكون جداً مفيدة .
قالت زوجتي ريحانة نجد …و لكن الإمارات بالسيارة بعيدة , و بالطائرة الحجوزات ممتلئة و الفرصة قليلة , و الرطوبة في هذا الوقت شديدة .
فلما رأيت أنها أبدت الاعتذار , و أنها لن تريد الذهاب إلى تلك الديار .
بدأ دوري العكسي . فقلت أركم تريدون أن تفركشون رحلتنا , و أن أسبابكم يُقصد منها أضاعت عطلتنا . فتنقضي العطلة و نحن لم نذهب لوجهة سياحية .
ثم أزيد اللوم و التهديد…
إذاً لن أعقد أي اجتماع ديمقراطي آخر , و لن أجعل الأمر للتداول.. بل سوف أقرر بنفسي و أختار الوجهة التي تناسبني , و لن أجعلكم تقترحون مقترحات تريدونها بشأن الإجازة الصيفية .
فأسكت الجميع بعد أن زأر الأسد…فقلت و بقلب مشتد النبض , و بوجه يقطر من العرق ..ما أريكم إلا ما أرى …و القرار لي و لن استشير أحد سو نفسي …
والسفر سوف يكون إلى الطائف ….فما ذا تقولون …..قالوا بصوت واحد : هي جنة المصايف …
أخوتي و أخواتي …
ماسبق من القصص و الأمثال و التي تضرب و تقال , و الواقع يشهد بخلاف ما ينثر على الأوراق ..فإليكم رحلتنا إلى الطائف بصورة مختصرة .
بعد أن هبت رياح الصيف الحارة على أبناء نجد …
بدأنا بالبحث عن مخرج من هذا المأزق …
حملنا أطفالنا كبيرهم و صغيرهم و ذهبنا في رحلة الحياة…
فأخذنا المسير في طرقات متعرجة لنبحث عن جو عليل مناسب …
يقضي على حرارة الصيف الملتهبة …
فشعرنا ببعض الضبابية , و عدم الرؤية الطبيعية …
وعدم تحديد الهدف المقصود بصورة صحيحة..
فوجدنا بعد عناء ..بغيتنا بجنة المصائف ارض الطائف
فهناك من يرحب بنا و بالصيف معاً و يقول : أهلاً بالصيف …
فلما كان الأمر كذلك سرنا بأقصى سرعة من أجل أن ننعم من الجمال بنظرة …
هي دائماً رافعة رأسها لتستقبل زوارها …
و هي دائمة التطلع لرضاهم و الوقوف على مبتغاهم…
عندما عشنا الأجواء لم نستغرب الترحيب و الاستقبال …
و عندما استقبلتنا بالزهور لم نستنكر ذلك الذي يفوح من العبير…
فنعمنا بحسن جوها و استقينا من جميل مناظرها…
و أكرمتنا بحسن ضيافتها , فسكبت لنا من الكرم ألواناً و ألوان..
فهناك تذوقنا الجمال…و لكن لم و لن ننساكم فقد كنتم في أبصارنا و قلوبنا …
فاليوم نكتب لكم عن رحلتنا عن سعادتنا
أرض الطائف هي أرض الموقع الفريد, و الأنشطة المتنوعة…
فهناك خير البقاع ” مكة المكرمة ”
وبجانبها ” جدة ” أم الرخاء و الشدة
الطائف هي سلة الفواكه …
الطائف …تنوع في نتاج الأرض و عرض يفوق الوصف …
في الطائف تجد الخير كل الخير في محل صغير قد رتب بشكل جميل..
و إن كانت فواكهها الخاصة لها في قلوب زوارها مكانة خاصة …من أمثال السيد البرشومي…
أيضاً هناك مبيعات عديدة …و أكشاك تعرض أصناف مختلفة من مأكولات الطائف الشهية ..
فأكواب الذرة , و عصائر التوت الطبيعية , و بجانبها البلية الشهيرة …بنكهات عديدة …
الطائف هي رائدة المناشط .
ففيها من الحدائق الطبيعية الشيء الكثير..
وفيها من المنتجعات الأهلية الشيء الكثير..
هي مكان مناسب للسياحة الداخلية ..
فتستطيع أن تجلس جلسة هنية في الشفاء حيث أنقى هواء ..
أو تختار مكاناً للراحة في بستان صغير في أرض الهدا ..
أو تختار مكاناً مناسب في أحد المرتفعات….
فتنعم بالهدوء و الإطلالة والنار و لسعة الهواء ..
أطفالنا في فرح عارم…فالصيف تحول إلى شتاء قارص
فسباق إشعال النار على أشده …والتجمع على النار بلغ مبلغه..
وألقاكم في حلقة قادمة بإذن الله تعالى..
تذكرني طريقتك الديمقراطية بانتخابات دول العالم الثالث 🙂 فالنتيجه محسومة سلفا..
تحياتي لشخصك الكريم و لعائلتك المغلوبة على امرها
ما شاء الله تبارك الله .. وأنا أقرأ ما انساب من قلمك الرائع تذكرت قول الشاعر :
حدثتني يا سعد عنهم فزدتني
شوقا إليهم فزدني من حديثك يا سعد
لقد أسرني أسلوبك الراقي في الكتابة وأتمنى أن تقبلني أخا أصغر ويشرفني التواصل معك والإفادة من خبراتك .. وأتمنى مواصلتك على الإيميل
ولك مني كل الدعاء لك و لأهل بيتك بالتوفيق في الدارين
أخوك
أبو إيلاف
أخي الكريم..ابو إيلاف
حضور مبارك..
و قدوم أسعدني..
و شرفٌ تقلدته..
و وسام حزته..
و يسعدني أن اضع يدي بيد أخي ..
فلك مني كل الحب..
و دعاء من القلب..
بارك الله فيك اخي الحبيب..
أخي الحبيب..أبو إيلاف
بارك الله فيك على جميل دعواتك..
أما التأليف فنحن قد تطفلنا عليه..
و قدمنا إليه بلا زاد..
لذا قد حرصت أن أعرض التجربة ليستفيد منها أهل القدرة ..و تدفعهم إلى النشر هذه المقالة ..فتبين لهم مايجب فعله و مالذي يمكن عمله وفق دراسة مقننة .
و أسأل الله سبحانه و تعالى أن ينفع بها..
مودتي لك أخي الفاضل