الحلقة الثانية : رحلتي إلى بلاد السند و الهند
بالقرب من خط سير العفش رفعت جسمي على أطراف أصابعي , و زدت على ذلك أن مددت رقبتي , و كل ذلك من أجل أن أنظر إلى عفشي هل وصل ؟! أما لا ؟! و لكن كل محاولاتي باءت بالفشل فأجرامهم أكبر , و أغراضهم أعظم . فلقد كانت أغراضهم التي يستقبلونها تغطي على حقيبتي الصغيرة , و التي من المؤكد أنها ترزح تحت ثقل كرتون من كراتين العاملين بالخليج . كنت أترقب الفرصة بأن أستطيع أن ألمح حقيبتي فأهرب من هذا الجو الخانق , و الذي زادته المراوح الجدارية بما تنفثه من هواء سام , فصار خليطاً من الرطوبة , و الحرارة , و رائحة أخوتنا الباكستانيين المميزة . بالفعل كان حظي سعيداً ذلك اليوم فلم يدم بقائي على خط السير إلا ما يقارب الساعة . سحبت حقيبتي مع عنقها , فكأني ألومها على تأخرها . و خرجت إلى ساحة المطار , فكنت أبحث عن أسمي في اللوحات التي يحملها المستقبلين , نظرت في كل الزوايا و لم أجد أسمي , و لكن سمعت صوتاً من بعيد يناديني , فأقترب الصوت الذي لا يخلو من بعثرة لبعض حروفه , قدِم أخ باكستاني و سلم علي , ثم عرفني بنفسه و سألني هل أنت نسيم ؟ فقلت نعم أنا هو . فرحب و طلب حقيبتي أن يأخذها بيده , فرفضت ذلك و قلت : لن أكلفك بحملها . فأنا من سيحملها . و لكنه لم يدع لي أي فرصة فأخذها و بقوة . حشرت حقيبتي في مؤخرة السيارة , ثم حشرت نفسي بالمقدمة التي تضيق على جسمي من صغرها , جلست على طرف الكرسي , و ألصقت ظهري على مسندته , و ارتفعت ركبتي إلى مستوى رأسي , ثم وضعت ذقني على أحد الصابونتين من الركبتين , و لففت يدي على الساقين كأفضل مكان أجده لهما . فصرت و كأني طفل في رحم أمه . ثم سألت الأخ الذي أستقبلني هل أنت مرسل من صاحب المكتب الذي أتعامل معه في اختبار العمالة , فقال : لا .فتفاجأت , و هالني الجواب : و أحسست أنني أستعجلت بالركوب معه…نظرت إليه ثم نظر إلي …و للحديث بقية
نسيم نجد
www.naseemnajd.com