قمة الوفاء
منذ أربع سنوات دخلت أحد القريبات المستشفى إثر جلطة مفاجئة بالرأس , و تدهورت حالتها حتى فقدت الوعي . و احتار من حولها من الأبناء بكيفية مساعدتها في أزمتها , و كيف يقومون بخدمتها بالشكل الذي يرضيهم و يرضي ربهم . فتكفلت أحد بناتها المباركات بالمرافقة حتى تخف الحالة . و بعد فترة تحسنت الأم بقدر يسير , و تعدت الأم الحالة الحرجة . و لكن خلفت الجلطة أثراً عليها فأصبحت مقعدة , و لا تستطيع أن تخدم نفسها بنفسها , و أيضاً لم يرد الله سبحانه و تعالى أن تفيق بشكل كامل . فهي بحالة بين الوعي و الإغماء , فلم يسمح الأطباء بأن تخرج من المستشفى . فبقيت البنت بخدمة الأم و لا تسمح لغيرها بأن يرعاها , أو يقوم بالتغير لها , أو تغسيلها . و بعد سنة أصبحت حالة الأم مستقرة على وضعها السابق , و لم يكن هناك حاجة لبقائها بالمستشفى . فخرجت الأم إلى بيتها و أكملت معها البنت المسيرة , و غنمت بالبر و هي الغنيمة العظيمة . فلم ترفع عينها عن أمها التي أصبحت لا تتحرك , و لا تتكلم , و لا تستطيع أن تقدم لنفسها أي منفعة , فصار لزاماً على الابنة أن تكون بجانبها في كل حين , و أن تكون بقربها في كل وقت , و أن لا تفارقها أبداً . و استمرت الابنة على هذه الحالة أربع سنوات بلا خادمة أو ميعن . فهي التي تقوم بنقلها إلى دورة المياه , و هي التي تقوم بتغيير ملابسها , و هي التي تقوم بإطعامه , و بل أكثر من ذلك…. فبرغم حالة أمها الصعبة فهي أنسها و سلوتها , و هي مصدر سعادتها و سرورها , و هي بعمل مستمر و بروح متجددة , و تتفانى بخدمتها بحب يفوق الوصف. بل و أكثر من هذا و ذاك …. فهي تقوم بكل ذلك و لا تملك إلا يداً واحدة . و إن عجبتم من كل ماسبق فأعجب العجب أنها لم تنم على ظهرها منذ مرض أمها من قبل أربع سنوات. فهي تنام أمام أمها جالسة و على كرسي بلاستيكي , فهي تخشى أن تغرق بالنوم و تغفل عن أمها , أو أن تستيقظ الأم أو تحتاجها فلا تراها بعينها . فتغفي عينها لحظات ثم تقوم فزعة لتطمئن على حال أمها . هذا حاله و جميل فعلها و لقد ساندها في أزمتها أخوها الأكبر . الذي رأى من بر أخته فلم يرضيه إلا أن يستقي من كأسه الزلال كاملاً . فهو و منذ لازمت أمه السرير قد ترك بيته و أولاده و لزم بيت أمه , فيخرج دقائق على عجل ليقضي طلباتهم ثم يعود مسرعاً ليجلس تحت أقدام أمه .
بقي شيئاً أعجب مما سبق كله . وهو أن عمر الأم المريضة يزيد على 85 سنة , و عمر الابنة التي تقوم بخدمتها يزيد على 55 سنة , و عمر الابن الذي لزمهم 60 سنة , فالله درهم من أبناء بررة . و وفقهم الله للمزيد من العمل الصالح , و كتب الله لهم من أبنائهم قرة عين . و أسكنهم الجنة و جمعهم مع أمهم التي أحبوها و بروا بها .
بقي تساؤل : ماذا قدمنا لأنفسنا من البر ؟!….
فأسأل الله أن نكون ممن قدم عملاً يسره ….
أخوكم : نسيم نجد
www.naseemnajd.com
نادرا ما نجد مثل هذا الوفاء في هذا الزمان أخي نسيم
بارك الله فيك قصة جميلة
ابو مروان يقول :
أكتوبر 28th, 2007في11:10 pm e
نادرا ما نجد مثل هذا الوفاء في هذا الزمان أخي نسيم
بارك الله فيك قصة جميلة
وبارك فيك أخي الفاضل
نعم قد أصابنا الخوف من بعض قصص العقوق من حولنا
حتى خشينا على مجتمعنا
نسأل الله لنا و لكم البر
موضوعك بمثابة صفعه لي …
فابي قريب من حالة هذه المرأة مقعد ولايخدم نفسه
ترعها اختي الصغرى كنت ارى اختي مثال للبر والعطف والحنات ولكن بعد ماقرات هذه القصة ايقنت حتما اننا كلنا عكس ذلك
شىء واحد تعلمته من الهرم الذي اصاب والدي ان البر لهم بهذا العمر اصعب من اي عمل صالح
ولا يوفق له إلا من وفقه الله له
ندعوا بالوظيفة والزوج الصالح وووو
ولكن هل دعونا ربي اعني على بر والدي